فصل: من لطائف وفوائد المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من لطائف وفوائد المفسرين:

.قال في ملاك التأويل:

قوله تعالى: {كُلَّمَا أرادوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ} [الحج: 22]، وفي سورة السجدة: {كُلَّمَا أرادوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ} [السجدة: 20]، هنا سؤالان: الأول قوله في آية الحج: {من غم} ولم يرد ذلك في سورة السجدة؟ والثاني ما أعقبت به كل من الآيتين؟
الجواب عن الأول: أن زيادة قوله: {من غم} في الآية الأولى مناسب لما ورد قبله وبعده من تفصيل الجزاء في الطرفين بعد ذكر الحالين من نعيم أو عذاب لما قال تعالى: {فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ} [الحج: 19] إلى قوله تعالى: {وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ} [الحج: 21]، وقال في الطرف الآخر: {إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } [الحج: 23] إلى قوله: {وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} [الحج: 23]، ففصل حال هؤلاء، فناسب هذا زيادة: من غم، ونظير هذا التفصيل قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} (النساء: 57) إلى قوله: {ظِلًّا ظَلِيلًا} [النساء: 57]، والإطناب يناسب الإطناب، ولما قال في سورة السجدة: {أَمَا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَاوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (19) وَأَمَا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَاوَاهُمُ النَّارُ} [السجدة: 19- 20]، فلم يقع تفصيل في الطرفين، وأوجز الكلام ناسبة الإيجاز، فلم يرد هنا قوله: {من غم}، ونظير هذا في إيجاز الجزاء قوله تعالى جزاء من الطرفين: {فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَاوَى} [النازعات: 41]، فلم يقع وصف الجزاء ولا تفصيل هذه كآية السجدة من غير فرق، وللإطناب في التفصيل زيد في آية الحج ما حذف للإيجاز في آية السجدة، وورد كل على ما يجب ويناسب، ولم يكن عكس الوارد ليناسب على ما تمهد.
والجواب عن الثاني: أن آية السجدة لما قيل فيها: {وَأَمَا الَّذِينَ فَسَقُوا}، والفسق الخروج، وقد يكون إلى معصية دون الكفر، ويكون إلى الكفر حين كذبوا بالوعد والوعيد الآخراوي، فقيل لهم: {ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ} [السجدة: 20]، أما آية الحج فتقدم قبل ذكر الإفصاح بكفرهم في قوله: {فَالَّذِينَ كَفَرُوا} [الحج: 19]، فلم يحتج إلى التعريف الوارد في سورة السجدة، فجاء كل على ما يجب ويناسب، ونظير الواقع في آية السجدة وصف النار واتباعها بصفة المعذب بها قوله تعالى في سورة سبأ: {فَالْيَوْمَ لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعًا وَلَا ضرًّا وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ} [سبأ: 42]، لما تنزل عذابهم على الظلم، والظلم يقع على الكفر وعلى ما دونه، فاتبع الوعيد بما يبين أن المراد ظلم التكذيب والكفر لا ظلم معصية دون الكفر، كما بين في سورة السجدة أن المراد بالفسق الكفر لا فسق معصية دونه، فوضح ما قلته. والحمد لله.
فأما ما وقع في هاتين الآيتين من التذكير والتأنيث في الموصول والضمير في قوله: {الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ} [السجدة: 20]، وقوله في الآية الأخرى: {الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ} [سبأ: 42]، مع التساوي فيما جرى عليه الوصف، فإن ذلك لرجوع الوصف في آية السجدة إلى العذاب وهو مذكر، ورجوعه في آية سبأ إلى النار وهي مؤنثة، ويذكر وجه التخصيص في سورة سجدة لقمان إن شاء الله تعالى. اهـ.

.من لطائف القشيري في الآية:

قال عليه الرحمة:
{هذانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ}.
أما الذين كفروا فلهم اليومَ لباسُ الشرْكِ وطِرازُه الحرمان، ثم صدار الإفك وطرازه الخذلان. وفي الآخرة لباسهم القطران وطرازه الهجران، قال تعالى: {اخْسَئُوا فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ} [المؤمنون: 108].
أمَا أصحابُ الإيمانِ فلِباسُهم اليومَ التقوى، وتنقسم إلى اجتناب الشِّرْكِ ثم مجانبة المخالفة، ثم مباينة الغفلة، ثم مجانبة السكونِ إلى غير الله والاستبشار إلى ما سوى الله وفي الآخرة لِباسُهم فيها حريرٌ، وآخرون لباسهم صدار المحبة، وآخرون لباسهم الانفراد به، وآخرون هم أصحاب التجريد؛ فلا حالَ ولا مقامَ ولا منزلةَ ولا محل وهم الغُرَبَاءُ، وهم الطبقة العليا، وهم أحرار من رِقِّ كل ما لَحِقهُ التكوين. اهـ.

.التفسير الإشاري:

قال نظام الدين النيسابوري:
التأويل: {إن زلزلة الساعة} هلاك الاستعداد الفطري {شيء عظيم} {وتذهب كل مرضعة} هي مواد الشياء فإن لكل شيء مادة ملكوتية ترضع رضيعها من الملك وتربيه {وتضع كل ذات حمل} وهي الهيوليات {حملها} وهو الصور الكمالية التي خلقت الهوليات لأجلها {وترى الناس سكارى} الغفلة والعصيان وحب الدنيا والجاه والرياسة وغيرها {وما هم بسكارى} العشق والمحبة والمعرفة {فإنا خلقناكم من تراب} أي كنتم ترابًا ميتًا فبعثنا التراب بأن خلقنا منه آدم، ثم أمتنا منه النطفة، ثم بعثناها بأن جعلناها علقة ثم مضغة ثم خلقًا آخر لنبين لكم أمر البعث والنشور {ونقر في الأرحام} أمهات العدم {ما نشاء إلى أجل مسمى} وهو وقت إيجاده بحسب تعلق الأرادة به، وفيه دليل على أنه لا يبعد أن يكون الفاعل كاملًا في فاعليته ولَكِن لا تتعلق أرادته بالمقدور فيبقى في حيز العدم إلى حين تعلق الأرادة به، ومنه يظهر حدوث العالم {ثم نخرجكم طفلًا} من أطفال المكونات خارجًا من رحم العدم مستعدًا للتربية والكمال. {ومنكم من يتوفى} عن الشهوات فيحيا بحصول الكمالات {ومنكم من يرد} إلى أسفل سافلين الطبيعة {وترى} أرض القالب {هامدة فإذا أنزلنا عليها} ماء حياة المعرفة والعلم {اهتزت} {ذلك بأن الله هو الحق} في الإلهية {وإنه يحيي} القلوب الميتة {وأن الساعة} قيامة العشق والخدمة للطالبين الصادقين {آتية وأن الله يبعث} القلوب المحبوسة في قبور الصدور {عذاب الحريق} بنار الشهوات لَكِنه لا يحس بها في الدنيا لأنه نائم بنوم الغفلة فإذا مات انتبه {من كان يظن} فيه أن العبد يجب أن يكون حسن الظن بالله {ثم ليقطع} مادة تقدريري في الأزل ونزول أحكامي في القدور {فلينظر هل} ينقطع أم لا {هذان خصمان} يعني النفس الكافرة والروح المؤمنة {قطعت لهم ثياب} بتقطيع خياط القضاء على قدرهم وهي ثياب نسجت من سدى مخالفات الشرع ولحمة موافقات الطبع. {يصب من فوق رؤسهم} حميم الشهوات النفسانية. وفي لفظ الفوق دلالة على أنهم مغلوبون تحتها، وفيه أن الخيالات الفاسدة تنصب من الدماغ إلى القلب. {يصهر به ما في بطونهم} من الأخلاق الحميدة الروحانية {والجلود} أي يفسد أحوالهم الباطنة والظاهرة بفساد تخيلاتهم، ولا مخلص لهم عن دركات تلك الملكات لغاية رسوخها والله أعلم بالصواب. اهـ.

.تفسير الآيات (23- 24):

قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (23) وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ (24)}.

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما ذكر ما لأحد الخصمين وهم الكافرون، أتبعه ما للآخر وهم المؤمنون، وغير السياق بالتأكيد لمن كأنه سأل عنه، معظمًا له بإثبات الاسم العلم الجامع إيذانًا بالاهتمام فقال: {إن الله} أي الذي له الأمر كله {يدخل الذين آمنوا} عبر في الإيمان بالماضي ترغيبًا في المبادرة إلى إيقاعه {وعملوا الصالحات} تصديقًا لإيمانهم، وعبر بالماضي إشارة إلى أن من عمل الصالح انكشف له ما كان محجوبًا عنه من حسنه فأحبه ولم ينفك عنه {جنات تجري} أي دائمًا {من تحتها الأنهار} أي المياه الواسعة، أينما أردت من أرضها جرى لك نهر في مقابلة ما يجري من فوق رؤوس أهل النار {يحلون فيها} في مقابلة ما يزال من بواطن الكفرة وظواهرهم {من أساور}.
ولما كان مقصودها الحث على التقوى المعلية إلى الإنعام بالفضل، شوّق إليه بأغلى ما نعرف من الحلية فقال: {من ذهب ولؤلؤًا} وقراءة نافع وعاصم بنصبه دليل على عطفه بالجر على {أساور} {ولباسهم فيها حرير} في مقابلة ثياب الكفار كما كان لباس الكفار في الدنيا حريرًا، ولباس المؤمنين دون ذلك، وقد رود في الصححين عن عبد الله بن الزبير عن عمر- رضي الله عنهم- أن النبي صلى الله عليه السلام قال: «لا تلبسوا الحرير فإن من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة» قال ابن كثير: قال عبد الله بن الزبير «ومن لم يلبس الحرير في الآخرة لم يدخل الجنة» قال تعالى: {ولباسهم فيها حرير} انتهى. وذلك أن في الصحيحين وغيرهما عن عمر- رضي الله عنهم- أن النبي صلى الله قال: «إنما يلبس هذه من لا خلاق له في الآخرة» فيوشك لتشبهه بالكفار في لباسهم- أن يلحقه الله بهم فلا يموت مسلمًا- والله الهادي {وهدوا} أي بأسهل أمر بهداية الله أعم من أن يكون السبب القريب لذلك العقل وحده أو مع الرسول أو الكتاب أو غير ذلك وهو حال من {الذين آمنوا}، وما بعدها ختم به لئلا يطول الفصل بين الفعل ومفعوله ولتكون محاسنهم محيطة بذكر دخولهم الجنة إشارة إلى دوامها {إلى الطيب من القول} فلم يزالوا في حال حسن {وهدوا} وبنى الفعل أيضًا للمفعول إشارة إلى سهولة الهداية لهم وللأتقياء منهم، ولذلك لم يذكر العزة، واكتفى بذكر الحمد فقيل: {إلى صراط الحميد} الذي وفقهم لسلوك ما يحمدون عليه فيحمدون عاقبة، فكان فعلهم حسنًا كما كان قولهم حسنًا، فدخلوا الجنة التي هي أشرف دار عند خير جار وحلوا فيها أشرف الحلي كما تحلوا في الدنيا بأشرف.
الطرائق، هذا بعد أن حازوا أشرف الذكر في الدنيا عكس حال الكفار في اقتراف ما أدخلهم ما كلما أرادوا الخروج منه اعيدوا فيه، مع ما نالهم من سوء الذكر، بإقبالهم كالبهائم على الفاني مع خسته لحضوره، وإعراضهم عن الباقي مع شرفه لغيابه. اهـ.

.القراءات والوقوف:

قال النيسابوري:

.القراءات:

{ولؤلؤًا} بهمزتين منصوبًا: نافع وحفص. مثله ولَكِن بتخفيف الأولى واوًا ساكنة. أبو بكر وحماد وزيد وكذلك في سورة فاطر. وقرأ سهل ويعقوب والمفضل هاهنا بالهمزة والنصب. وفي فاطر بالهمز والخفضض. الباقون بالهمز والخفض في السورتين {سواء} بالنصب: حفص وروح وزيد. الآخرون بالرفع. {والبادي} بالياء في الحالين: سهل ويعقوب وابن كثير وافق أبو عمرو وأبو جعفر ونافع غير قالون في الوصل. {بوأنا} مثل {أنشأنا} {بيتي} بفتح الياء: أبو جعفر ونافع وحفص وهشام. {فتخطفه} بتشديد الطاء: أبو جعفر ونافع {الرياح} يزيد طريق المفضل {والمقيمي الصلاة} بالنصب على تقدير النون: عباس {منسكًا} ونحو بكسر السين: حمزة وعلي وخلف {لن تنال الله} بتاء التأنيث: يعقوب {ولَكِن تناله} بالتأنيث أيضًا زيد {يدفع} من الدفع: ابن كثير وأبو عمرو وسهل ويعقوب الباقون {يدافع} من المدافعة {أذن} مبنيًّا للمفعول: أبو جعفر ونافع وأبو عمرو وسهل ويعقوب وعاصم {يقاتلون} مبنيًّا للمفعول أيضًا: أبو جعفر ونافع وابن عامر وحفص الآخرون مبنيًّا للفاعل فيهما. {دفاع} بألف: أبو جعفر ونافع وسهل ويعقوب {لهدمت} مخففًا: ابن كثير وأبو جعفر ونافع وقرأ ابن عامر وأبو عمرو وسهل وحمزة وعلي وخلق مشددًا مدغمًا الباقون مشددًا.

.الوقوف:

{ولؤلؤًا} ط {من القول} ج للعطف مع تكرار {وهدوا} {الحميد} o {والباد} o ط {أليم} o {السجود} o {عميق} o لا لتعلق اللام {الأنعام} ج للابتداء بالأمر مع الفاء {الفقير} o للعطف مع العدول {العتيق} o {ذلك} ق قد قيل: لأن المراد ذلك على ما ذكر أو الأمر والشأن ذلك ثم يبتدأ بالشرط {عند ربه} ط {الزور} o لا {مشركين به} ط {سحيق} o {ذلك} ق {القلوب} o {العتيق} o {الأنعام} ط {اسلموا} ط {المخبتين} o لا لاتصال الوصف {الصلاة} o {ينفقون} ج o {خير} ق والوصل أحسن للفاء {صواف} ج للشرط مع الفاء {والمعتر} ط {تشكرون} o {منكم} ط {هداكم} ط {المحسنين} o {آمنوا} ط {كفور} o {ظلموا} ط {لقدير} o لا بناء على أن {الذين} بدل من الضمير في {نصرهم} {ربنا الله} ط {كثيرًا} o {ينصره} ط {عزيز} o {المنكر} ط {الأمور} o. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

ثم إنه سبحانه ذكر حكمه في المؤمنين من أربعة أوجه: أحدها: المسكن، وهو قوله: {إِنَّ الله يُدْخِلُ الذين ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات جنات تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار}، وثانيها: الحلية، وهو قوله: {يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} فبين تعالى أنه موصلهم في الآخرة إلى ما حرمه عليهم في الدنيا من هذه الأمور وإن كان من أحله لهم أيضًا شاركهم فيه لأن المحلل للنساء في الدنيا يسير بالإضافة إلى ما سيحصل لهم في الآخرة.
وثالثها: الملبوس وهو قوله: {وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ}، ورابعها: قوله: {وَهُدُواْ إِلَى الطيب مِنَ القول} وفيه وجوه: أحدها: أن شهادة لا إله إلا الله هو الطيب من القول لقوله: {وَمَثَلًا كَلِمَةً طَيّبَةً} [إبراهيم: 24] وقوله: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الكلم الطيب} [فاطر: 10] وهو صراط الحميد لقوله: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إلى صراط مُّسْتَقِيمٍ} [الشورى: 52]، وثانيها: قال السدي {وهدوا إلى الطيب من القول} هو القران.
وثالثها: قال ابن عباس رضي الله عنهما في رواية عطاء هو قولهم الحمد لله الذي صدقنا وعده.
ورابعها: أنهم إذا ساروا إلى الدار الآخرة هدوا إلى البشارات التي تأتيهم من قبل الله تعالى بدوام النعيم والسرور والسلام، وهو معنى قوله: {والملائكة يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مّن كُلّ بَابٍ سلام عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عقبى الدار} [الرعد: 23، 24] وعندي فيه وجه.
خامس: وهو أن العلاقة البدنية جارية مجرى الحجاب للأرواح البشرية في الاتصال بعالم القدس فإذا فارقت أبدانها انكشف الغطاء ولاحت الأنوار الإلهية، وظهور تلك الأنوار هو المراد من قوله: {وَهُدُواْ إِلَى الطيب مِنَ القول وَهُدُواْ إلى صراط الحميد} والتعبير عنها هو المراد من قوله: {وَهُدُواْ إِلَى الطيب مِنَ القول}. اهـ.